ليس سراً أن قوانين العقوبات المحلية في جميع أنحاء دول جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا تتضمن قوانين تمييزية ضد المرأة في مجالات الزواج والطلاق وحضانة الأطفال. تُستخدم الشريعة لتبرير هذه القوانين العائلية في جميع أنحاء منطقة جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا، لكن التفسيرات العصرية للشريعة تختلف عما هو مكتوب بالفعل في القرآن.
ربما يكون أحد الجوانب الأكثر ضررًا في قانون الأسرة بالنسبة للمرأة يتعلق بحضانة الأطفال ، حيث تجد الأمهات أنفسهن تحت رحمة الآباء والمحاكم المكونة من الذكور فقط. على الرغم من أن الحركات الاجتماعية التي تدافع عن حقوق المرأة وتقودها النساء العربيات في المنطقة كانت ضرورية، وحققت خطوات مهمة على مر السنين، إلا أنه يجب إجراء تعديلات قانونية أكثر أهمية على قوانين الأحوال الشخصية لمعالجة المشاكل المستمرة.
الأردن هو مثال ممتاز. هناك، قوانين الأسرة مجحفة وضارة بالأمهات اللاتي يسعين إلى حضانة أطفالهن. بموجب قانون الأحوال الشخصية يُمنح الآباء الولاية، والتي تشير إلى السلطة القانونية على الطفل، بينما تُمنح الأمهات الحضانة والتي تشير إلى الرعاية الجسدية للطفل. ولكن، يمكن أن تأخذ الحضانة من الأم إذا تبين أنها "غير مناسبة" أو إذا تزوجت مرة أخرى. تنص المادة 223 من قانون الأحوال الشخصية على منح الولاية لوالد الطفل. لا يتغير منح الولاية تلقائيًا لوالد الطفل، حتى لو تصرف الأب بما يخالف مصالح الطفل.
بموجب هذا القانون، تُمنح الأمهات الأردنيات ( والأجنبيات ) حضانة أطفالهن حتى سن 15 عامًا، لكن للآباء يحتفون بالحق في تحديد تعليم أبنائهم وبلد إقامتهم وعلاجهم وتنشئتهم الدينية. يتحمل الأب أيضًا مسؤولية الحصول على جوازات السفر والسماح بالسفر الدولي ما لم تحصل الأم على موافقة المحكمة للقيام بذلك خلال عملية طويلة جدًا وشاقّة .
فرح شاهين (اسم مستعار)، ناشطة في مجال حقوق المرأة وأم عزباء، عاشت هذه التجربة. كانت تقاتل من أجل الحضانة القانونية لطفلها منذ ثلاث سنوات بعد طلاقها من زوجها السابق. تمّكنت من التواصل مع فرح عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد متابعة عملها نشاطها في الدفاع عن حقوق المرأة، وهو أمر مهم بشكل خاص نظرًا لوجود عدد قليل من النساء الأردنيات اللاتي يدافعن علنًا عن تعديلات على قوانين الحضانة في البلاد. قبل زواجها، لم تكن فرح وعائلتها الداعمة لها على دراية بالتأثيرالسلبي وعدم المناسبة لقوانين الحضانة على النساء.
ولم تعلم بالطرق التي يعمل بها القانون ضدها حتى تقدمت بطلب للطلاق، بما في ذلك أن القانون لا يسمح لها بتقديم طلب للحصول على وثائق التسجيل القانوني لابنتها أو اتخاذ أي قرارات حياتية لها. منذ ذلك الحين، أصبحت فرح ناشطة وتتحدث عن حقوق المرأة وتعارض قوانين الحضانة التمييزية. ومع ذلك، فقد واجهت ردود فعل عنيفة وانتقادات من المجتمعات المحلية، بما في ذلك الأردنيات.
تشرح فرح أنه حتى بعد حصولهن على الطلاق لا يزال بإمكان الأمهات أن يفقدن حضانة أطفالهن إذا قرر الأب المبالغة في مزاعم "سوء السلوك" المبرر تحت ذرائع إسلامية وتأويلات، بما في ذلك مزاعم الصداقات مع الرجال، أو اللباس غير اللائق، أو التنشئة غير اللائقة لأطفالهم. عندما لا تمتثل النساء لطلبات الأب أو يحضرن أوقات الاجتماع لأسباب محددة، فقد يواجهن عقوبة السجن بموجب القانون الحالي.
ونظراً لمثل هذه المضايقات، أدت معارك الطلاق والحضانة إلى ثني النساء عن طلب الطلاق خوفًا من فقدان إمكانية الوصول إلى أطفالهن. وهذا يضر بشكل خاص بالنساء اللاتي يعانين من العنف المنزلي وسوء المعاملة من قبل أزواجهن، مما يدل على أن قوانين الطلاق والحضانة هي مثال آخر على المعاملة التمييزية ضد المرأة.
علاوة على ذلك، ووفقًا لفرح، عندما تفقد الأم حضانة طفلها سيواجه الطفل في كثير من الأحيان معاملة سيئة عند عودته إلى الأب أو عائلته. تقول فرح: "قوانين الأسرة ليست فقط ضارة بالنساء ولكن أيضًا لأطفالهن الذين يتعرضون للعنف المنزلي. إنه يظهر فقط أن المحاكم لا تهتم في الواقع بالأطفال، بل تهتم بالحفاظ على الوضع الراهن للرجال ".
تؤكد فرح على أهمية الاستقلال المالي للمرأة وهو أمر ضروري للنضال من أجل حضانة الأطفال في المحاكم وتوفير حياة كريمة لأطفالها. ولكن، فإن هذا صعب للغاية لأن 15 في المائة فقط من القوة العاملة في الاردن هم من النساء .
وبعد الطلاق، لا يُسمح للمرأة بالزواج مرة أخرى لخطر فقدان حضانة الطفل بموجب المادة 171 / ب، علماً بأن القانون الأردني إلى جانب قانون دول أخرى في المنطقة، لا يفرض نفس القيود على الرجال. هذا يجعل المواعدة للأمهات المطلقات أمرًا صعبًا للغاية لأن معظم النساء لا يرغبن في الزواج مرة أخرى خوفًا من فقدان أطفالهن. تقول فرح إن المحاكم "تمنعنا من ممارسة الحياة الجنسية لأنه سيُنظر إلينا على أننا أمهات "غير مؤهلات "، لكنها في الوقت نفسه تمنعنا من الزواج مرة أخرى".
كل هذا له تأثير نفسي على الأمهات والذي يمكن استخدامه ضدهن. وتشير فرح بأنه وبشكل محبط أن "معارك الحضانة والطلاق تدمر عقليات النساء هنا. عندما يتم الطلاق ، يجعل الرجال حياة النساء بائسة، لكني ما زلت ألوم القانون لأنه يشجع الرجال على القيام بذلك. ما لا يدركه الناس هو أن القوانين لها عواقب مباشرة على المجتمع. لذلك عندما توجد قوانين متحيزة ضد المرأة في بلد ما، فإن التمييز على أساس الجنس سيكون سائدًا داخل هذا المجتمع ".
القوانين العائلية لها آثار سلبية غير متناسبة على النساء في بلدان جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا ولكنها تؤثر سلبًا أيضًا على النساء في أجزاء أخرى من العالم. النساء العربيات تطالب بالمزيد من حكوماتهم ويعملون بجد لرفع مستوى الوعي في مجتمعاتهن. إن التعديلات القانونية في قانون الأسرة ضرورية لتغيير الأعراف المجتمعية وعقليات الأجيال القادمة، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة وحرياتها.